بمناسبة أن شهر نوفمبر/تشرين الثاني شهرَ التوعية بسرطان الرئة أجمعُ في هذه المقالة حلقاتٍ نشرتها على حسابي بمنصة LinkedIn كتبت فيها ما ظللته ودونته في أثناء قراءتي النسخة العربية لكتاب إمبراطور المآسي: سيرة للسرطان للطبيب المؤلف سيدهارتا موكرجي، وترجمة الطبيب السوري أَيْهَم عز الدين أحمد.

ويدفعني هواي بالترجمة الطبية والدوائية إلى قراءة الكتب العلمية، وقدَّرَ اللهُ لي قراءةَ هذا الكتاب فانتفعت به عظيمَ النفع.

أولًا: المصطلحات الطبية التي تعلّمتُها

  1. باثولوجيا الأطفال (دراسة أمراض الأطفال من الناحية النسيجية).
  2. اللوكيميا سرطان يصيب خلايا الدم البيضاء، وهو أحد أكثر أنواع السرطان سوءًا، حيث «يشكل أي جرح مهما كان صغيرًا حالة طارئة».
  3. فإذا كانت الخلية تنشأ فقط من خليةٍ أخرى فهذا يعني أن النمو يحصل بطريقتين فقط: إما بزيادة عدد الخلايا أو بزيادة حجمها، وقد أطلق فيرشو على هاتين العمليتين تعبيرَي «فرط التصنع، hyperplasia» و «فرط الحجم، hypertrophy» على الترتيب.
  4. تعبير «تصنع جديد neoplasia/ تَنَشُّؤْ» – عملية نمو مشوَّهة غير مألوفة، متعذَّرة التفسير؛ تعبيرٌ سيرافق السرطان عبر تاريخه وحتى اليوم.
  5. خلايا الدم البيضاء الطبيعية تقسم إلى مجموعتين رئيسيتين من الخلايا – الخلايا النخاعية «myeloid cells» نسبةً لنخاع العظم، والخلايا اللمفاوية «lymphoid cells».
  6. الأنيميا الخبيثة (فقر الدم الخبيث /الوخيم /الوبيل – Pernicious Anemia) سبب تلك الأنيميا الخبيثة هو نقص عنصرٍ غذائي أساسي مؤلف من جزيئةٍ واحدة، وهو الفيتامين B12.
  7. كلمة «انتقالmetastasis»، التي استعملت لوصف هجرة السرطان من موضعٍ إلى آخر، هي مزيجٌ من كلمتين هما meta وstasis، التي تعني باللاتينية «ما وراء الثبات المكاني»
  8. الساركوما العظمية «Osteosarcoma»: ورمٌ خبيثٌ في العظم
  9. 9. كلمة «Onkos» التي تستعمل أحيانًا لوصف الأورام، ومنها سيأخذ فرع «علم الأورام Oncology» اسمه المعاصر. كانت هذه الكلمة تشير إلى معنى «كتلة أو حِمْل، أو عبء (وهو أكثر شيوعًا)»
  10. 10. عُرِفَ الاكتئاب في القرون الوسطى باسم الميلانخوليا «melancholia» الذي أخذه من مركبٍ من كلمتين يونانيتين: «melas» وتعني أسود، و «khole» وتعني صفراء؛
  11. كلمة «تشريح الجثة، Autopsy» كلمة يونانية تعني «أن ينظر الشخص إلى نفسه»
  12. «الفُيال الجراحي» (أي اكتساب مظهر يشبه شكل الفيل) وهو انتفاخ بسائل لمفاوي متراكِم ينتج عن جراحة استئصال جذرية في سياق السرطان.
  13. علم المعالجة الشعاعية للأورام «radiation oncology»
  14. الثآليل ما قبل الخبيثة «premalignant warts». تستخدم عبارة قبل خبيثة أو قبل سرطانية premalignant للإشارة إلى الآفات التي تبدي تبدلات نسيجية منذرة بالخباثة، أي أنها ستتطور إلى سرطان إن لم تُستأَصل فورًا.
  15. طفيلي Trypanozoma brucei، وهو الطفيلي الذي يسبب مرض النوم المرعب
  16. لوكيميا الأرومات اللمفاوية الحادة acute lymphoblastic leukemia، وهو ورمٌ نادر واختصاره ALL
  17. التهاب القولون التقرحي «ulcerative colitis»، مرضٌ قبل – سرطاني منهك، قد يمهِّد لحدوث السرطان في القولون والقناة الصفراوية
  18. «Choriocarcinoma كوريوكارسينوما» سرطان يصيب المشيمة وهو سرطان أندر من اللوكيميا، ينمو على حساب الأنسجة المشيمية المحيطة بحملٍ غير طبيعي، ومن ثم ينتقل بسرعة إلى الرئة والدماغ مسببًا الموت.
  19. Maintenance Treatment المعالجة طويلة الأمد (المعروفة بمعالجة الصيانة) أو معالجة المداومة
  20. Vincristine فينكريستين أتى من الكلمة اللاتينية فينكا التي تعني «أوثق أو قيَّد»). وهو مادة نباتية شبه قلوية سامة مشتقة من نبتةٍ معترِّشة صغيرة ذات أزهار بنفسجية وجذع مضفورٍ وملتف تنمو في مدغشقر. اكتشف الفينكريستين في 1957، في شركة «إيلي لِيلي»، كان مرشحًا في بادئ الأمر ليستعمل لعلاج داء السكري وتبيَّن أن الجرعات الصغيرة منه قادرة على قتل خلايا اللوكيميا. فالخلايا سريعة النمو، كخلايا اللوكيميا، تنتج دعامة هيكلية من البروتينات (تسمى أنابيب مجهرية ) هي التي تسمح للخليتين الناتجتين عن عملية الانقسام بالانفصال عن بعضهما البعض وإتمام عملية الانقسام؛ تقوم آلية عمل الفينكريستين على الارتباط بطرف هذه الأنابيب المجهرية، وبالتالي إيثاق الهيكل الخلوي في قبضته، معبرًا بذلك عن المعنى الحرفي للكلمة اللاتينية التي أخذ اسمه منها.
  21. فيروس ساركوما روس Rous sarcoma virus، أو RSV اختصارًا أول فيروس يُكتشَف أنه مسبب للسرطان اكتشفه العالم Peyton Rous في أثناء إجراء أبحاثه على الدجاج. وهنا لطيفة في الترجمة الطبية أن RSV اختصار أيضًا لمرض الفيروس المخلوي التنفسي Respiratory syncytial virus وهو فيروس أيضًا، ولكن يصيب رئتي الإنسان ومجرى تنفسه لا سيما الأطفال. فتمهَّلْ ولا تخلط بين المصطلحين.
  22. أتت كلمة «يلطف /ملطف palliate» من الكلمة اللاتينية «palliare» التي تعني «يخفي»، وكانوا يعتبرون أن إزالة الألم إخفاءٌ لجوهر المرض، إخماد الأعراض بدلًا من مهاجمة المرض.
  23. الغُداد الرئوي أو الورم الغدي الرئوي «pulmonary adenomatosis» مرضٌ يصيب الأغنام ونادر الحدوث في البشر.
  24. «القانون الفدرالي لإعلانات وملصقات السجائر (FCLAA) Federal Cigarette Labeling and Advertising Act» الذي صدر في 1965
  25. لجنة الاتصالات الفدرالية (FCC) Federal Communications Commission
  26. The Breast Cancer Detection Demonstration Project (BCDDP) مشروع التحري والكشف عن سرطان الثدي
  27. عسر تصنع نخاع العظم myelodysplasia، وهو مرض قبل – سرطاني غالبًا ما يتطوّر إلى لوكيميا كاملة
  28. داء العضو المزروع ضد المضيف، Graft Vs. Host Disease، (GVHD) ويحدث لما يهاجم الجهاز المناعي طُعم العضو المزروع باعتباره جسم غريب.
  29. Megadose الجرعات الهائلة من دواء أو فيتامين
  30. Retinoblastoma (الورم الأرومي الشبكي هو سرطان في العين ينشأ في الشبكية — وهي البطانة الحساسة الموجودة داخل العين. ويصيب الورم الأرومي الشبكي في الغالب الأطفال الصغار، ولكنه نادرًا ما يحدث لدى البالغين. المصدر: مؤسسة مايو كلينك).
  31. folie à deux الجنون المشترك أو الذهان المشترك: أصلها فرنسي وهي حالة الوهم أو المرض العقلي الذي يصاب به شخصان على علاقة وثيقة ببعضهما، ويُقال إنه عند الفصل بينهما يتعافى أحدهما غالبًا وهو الشخص المتأثر بصاحب المرض نفسه.
  32. Kinase كيناز إنزيمات تربط مجموعات فوسفات ببروتينات أخرى.
  33. Philadelphia Chromosome: في حالات ابيضاض الدم النقوي المزمن، تتبادل الكروموسومات داخل خلايا الدم الأماكن مع بعضها البعض. إذ يتبادل جزء من كروموسوم 9 مكانه مع جزء من كروموسوم 22. وهذا يجعل الكروموسوم 22 قصيرًا جدًا والكروموسوم 9 طويلاً جدًا. ويُطلَق على الكروموسوم 22 القصير جدًا اسم كروموسوم فيلادلفيا. وذلك نسبةً إلى المدينة التي اكتُشِف بها.
  34. فرضية الضربتين two – hit hypothesis: هناك جينات معينة مسببة للسرطان، تحتاج لـ «ضربتين» من الطفرات لتحريض الانقسام الخلوي وإنتاج السرطان.
  35. الاستعمال الرحيم Compassionate use = expanded access: الاستعمال الموسع للأدوية قبل اعتمادها من هيئة الغذاء والدواء استثناءً للحالات الخطرة بدافع الرحمة.
  36. Telomeres التيلوميرات هي امتدادات من الـ DNA في نهايات الكروموزومات تحمي الكروموزومات (التي تؤوي الجينات) من البلى والتلف (شبيهة بحلقة البلاستيك الصغيرة الموجودة في نهاية رباط الحذاء).

ثانيًا: اقتباسات راقتني من الكتاب

«سيدني فاربر، Sidney Farber» أبو المعالجة الكيماوية الحديثة، الذي اكتشف عرضًا مادة كيماوية فعَّالة ضد السرطان في أحد نظائر الفيتامينات، وشرع يحلم بتحقيق شفاء عالمي من السرطان.

«أتوسا، Atossa»، الملكة الفارسية التي أصيبت بسرطان الثدي في مرحلته الثالثة، وهي في سن السادسة والثلاثين، والتي لفّت ثديها المريض بالثياب لتخفيه عن الأعين، ثم، وبتأثير معتقداتٍ غيبية في نوبة غضب شديد، استخدمت أحد عبيدها ربما ليقطعه لها بمدية.

تعليق: المدية سكين أو شفرة كبيرة

هناك مساراتٌ جينية فعالة تقوم بتنظيم عملية الانقسام الخلوي والموت الخلوي في الخلية الطبيعية، أما في تلك السرطانية فهذه المسارات معطَّلة، وهذا ما يجعل الخلية غير قادرة على التوقُّف عن النمو.

لقد غرقت دراسة اللوكيميا في وحول الحيرة والقنوط منذ اكتشافها؛ في 19 مارس 1845

اسم «الدم الأبيض، weißes Blut» الذي لا يعدو أن يكون توصيفًا حرفيًا لملايين الخلايا البيضاء التي رآها تحت عدسات مجهره. في عام 1847، قام فيرشو بتغيير هذا الاسم إلى اسمٍ آخر أكثر أكاديميةً هو «اللوكيميا leukemia»، المشتق من الجذر اليوناني leukos الذي يعني «أبيض».

يوجد لدى الإنسان البالغ حوالي خمسة آلاف خلية دم بيضاء – في المتوسط – في كل ميكروليتر من الدم.

كان من الممكن إزالة كتلة خبيثة وحيدة في الثدي عبر عمليةٍ جراحيةٍ تسمى «استئصال الثدي الجذري»، كان رائدَها الجراح العظيم ويليام هالستد في مستشفى جونز هوبكينز في تسعينيات القرن التاسع عشر

بين عامي 1900 و1916، ازدادت الوفيات بسبب السرطان بمعدل 29.8 % ليتفوَّق على السل كسببٍ للموت، ولم يحل عام 1926 إلا والسرطان يحتل المرتبة الثانية في قائمة الأسباب الأكثر شيوعًا للموت في أمريكا بعد أمراض القلب.

1937؛ وبعد أسبوعين، في 5 أغسطس، وقع الرئيس فرانكلين روزفلت قانون المعهد الوطني للسرطان «National Cancer Institute Act». أوجد هذا القانون هيئةً علميةً جديدة هي المعهد الوطني للسرطان (NCI)، مسؤولة عن التنسيق بين أبحاث السرطان والثقافة والتعليم.

كانت اللوكيميا داءً يتيمًا، اعتزله اختصاصيو الأمراض الباطنة لأنه ليست لديهم أدوية يعالجونه بها، وكذلك أطباء الجراحة لأنهم لا يستطيعون إجراء عملياتٍ جراحيةً على الدم؛ صوَّر أحد الأطباء الحالة كما يلي: «حتى إن اللوكيميا، بمعنى ما، لم تكن تُعد سرطانًا قبل الحرب العالمية الثانية»

عبارة فيرشو: جميع الخلايا تأتي من خلايا «omnis cellula e cellula e cellula».

في 1862، قام شخصٌ يدعى إيدوين سميث – شخصية غير عادية: نصف عالم ونصف بائع متجول؛ صانع آثار مقلَّدة؛ وعالم آثار مصرية صنع نفسه بنفسه – بشراء (أو، كما يقول البعض، بسرقة ) ورقة بردي طولها خمسة عشر قدمًا من بائع أنتيكات في الأقصر بمصر؛ كانت هذه البردية في حالةٍ يرثى لها، صفحاتها صفراء مفتَّتة، عبارة عن مخطوط مصري مكتوب بحروف متصلة . من المعتقد الآن أن هذا المخطوط قد كُتب في القرن السابع عشر قبل الميلاد كنسخةٍ عن مخطوط آخر يعود إلى 2500 قبل الميلاد، ويبدو أن الناسخ سارق نصوص لأنه كتبه بسرعة كبيرة وارتكب أخطاء كثيرة، مضيفًا تصحيحاتٍ بحبرٍ أحمر في الهوامش. تمت ترجمة المخطوط في عام 1930، وتبيَّن أنه يحتوي على مجموعة تعاليم «إمحوتب، Imhotep»، الطبيب المصري العظيم الذي عاش حوالي عام 2625 قبل الميلاد.

يقول إمحوتب وهو يصف الحالة الخامسة والأربعين: «إذا صادفتك حالةٌ فيها كتلٌ بارزةٌ منتشرةٌ في الثدي، وإذا تلمستها بيدك وكانت باردة دون أي سخونة، ودون تحبُّبات، لا تحتوي سوائل، ولا ينز منها سائل، فيجب أن تقول عنها: هذه حالة كتلٍ بارزة ينبغي علي أن أواجهها وأتغلب عليها … الكتل البارزة في الثدي تعني وجود تورُّمات كبيرة، منتشرة، وقاسية في الثدي، ملمسها يشبه ملمس كرةٍ من اللفائف، أو يمكن مقارنتها بفاكهة فجَّة قاسية وباردة الملمس».

كمرضٍ ملتحفٍ بعباءة الصمت.

إطلاق اسمٍ على مرضٍ ما يعني أنْ نَصفَ حالةً معينةً من المعاناة؛ إنه فعلٌ أدبي قبل أن يصبح طبيًا. المريض، قبل أن يصبح موضوعًا للبحث الطبي الدقيق، هو ببساطة راوٍ يروي المعاناة، رحالةٌ زار مملكة المرض وطفق يروي الأخبار عنها. للتخلُّص من المرض لا بد من الابتداء بنفض الغبار عن قصته.

ظهرت أول كلمة تشير إلى السرطان في الأدب الطبي في زمن أبقراط حوالي سنة 400 قبل الميلاد: «Karkinos»، وهي كلمة يونانية تعني «حيوان السرطان Crab». لقد ذكّر الورم، مع شبكة الأوعية الدموية المنتفخة التي تحيط به، أبقراط بسرطانٍ يحفر في الرمل وأطرافه منتشرةٌ حوله على شكل دائرة؛

يفترض أبقراط في هذا المبدأ أن جسم الإنسان مكوَّن من أربعة سوائل رئيسية سمَّاها «الأخلاط humors» وهي: الدم، والصفراء السوداء، والصفراء الصفراء، والبلغم، لكل منها لونٌ مميز (على الترتيب: أحمر، وأسود، وأصفر، وأبيض) إضافة إلى درجة لزوجة معينة وخاصية أساسية؛ توجد هذه الأخلاط في الجسم الطبيعي في حالة توازنٍ تام قد يكون غير مستقر بعض الشيء أحيانًا، أما في المرض فيختل هذا التوازن عبر زيادة أحدها

السرطان فقد احتفظ له غالين بالخلط الرابع، الأكثر خبثًا وضررًا وإزعاجًا بين الأربعة: الصفراء السوداء

كان أبقراط قد عبَّر مرةً بشكلٍ غامض عن رأيه بأن السرطان: «من الأفضل أن يُترك بلا علاج لأن المرضى يعيشون أطول حينها»

كما يمخر البحارة عباب البحر من دون خارطة؛ ضريرٌ يقود مريضًا

وبحلول عام 1898، تحوَّلت إلى مهنةٍ مزدهرةٍ تنضح بالثقة بالنفس، فرعٍ علمي مزهوٍ بنفسه وبمقدراته التقنية، حتى أن الجرَّاحين الكبار كانوا يتصوَّرون أنفسهم من دون حياء كنجومٍ مسرحيين استعراضيين. كانت غرفة العمليات تسمَّى «مسرح العمليات»، والعملية الجراحية كانت عرضًا مسرحيًا مفصَّلًا يشاهده جمهورٌ متوترٌ صامتٌ من المراقبين عبر نافذةٍ دائريةً أعلى المسرح

غالبًا ما يدرس العلماءُ الماضي بحرصٍ شديدٍ كما يفعل المؤرِّخون لأن العلم من المجالات القليلة التي تعتمد على الماضي بشكلٍ كبير؛ كل تجربةٍ علمية هي محادثةٌ مع تجربةٍ سابقة، وكل نظريةٍ جديدة تفنيدٌ لنظريةٍ قديمة

لقد كان الأمر أشبه بالتقاء مسافرين اثنين محتجزين عاجزين عن مغادرة مكانيهما، كلٍّ منهما يحمل نصف الخريطة

إن كل تجربة بيولوجية تتطلَّب «مجموعة مراقبة» – أشخاص غير معالَجين يمكن من خلال المقارنة بهم تقييم فعالية المعالجة لدى الأشخاص المعالجين

الأطباء هم رجالٌ يصفون أدويةً لا يعرفون عنها إلا القليل، لعلاج أمراضٍ يعرفون عنها ما هو أقل، لبشرٍ لا يعرفون عنهم شيئًا. – فولتير

«يُقال إنه إذا كنت تعرف أعداءك وتعرف نفسك فلن تكون معرضًا للخطر في مئة معركة؛ وإذا كنت لا تعرف أعداءك ولكنك تعرف نفسك فسوف تربح معركة وتخسر أخرى؛ أما إذا كنت لا تعرف أعداءك ولا تعرف نفسك، فعندئذٍ ستتعرض للخطر في كل معركةٍ تخوضها.» – صن تزو

وتبقى الحقيقة المزعجة والمثيرة للاستغراب أن واحدةً من أكثر المواد المسرطنة شيوعًا وقوةً يمكن أن تباع وتشترى بكامل الحرية في أي دكان وعلى أي ناصية في أمريكا مقابل حفنةٍ من الدولارات، مع العلم بأن أمريكا بلدٌ يخضع فيه كل عقارٍ جديدٍ تقريبًا للتدقيق الشديد في إمكانية أن يكون مسرطنًا، وأي إشارة، مهما تكن ضئيلة وتافهة، إلى علاقة لمادة ما بالسرطان تثير عاصفةً هوجاء من الهستيريا الشعبية والقلق الإعلامي.

في أواسط الخمسينيات، أسهمت ثلاثة عوامل – الهجرة، الحرب العالمية الثانية، والكساد العظيم – في إخراج النساء من منازلهن والزج بهن في سوق العمل ليؤلفن ثلث القوة العاملة تقريبًا في نيويورك…

«بين عامي 1998 و2002، رُفعت ستٌ وثمانون دعوى قضائية من مرضى ضد منظمات HMO التي رفضت الدفع، فاز المرضى بسبعٍ وأربعين منها.»

تعقيبي: HMO اختصار لمنظمة حفظ الصحة Health Maintenance Organization، وهي مؤسسة تأمين طبي في أمريكا.

«من الناحية الوظيفية، الجين هو وحدة الوراثة التي تنقل سمةً بيولوجية من خليةٍ إلى أخرى أو من جيلٍ إلى الجيل الذي يليه؛ وفيزيائيًا، توجد الجينات داخل الخلية على شكل كروموزومات؛ أما كيميائيًا، فالجينات مؤلّفة من الحمض الريبي النووي منقوص الأوكسجين DNA.»

«جديرٌ بالذكر أن هذه المسارات الجينية هي «استعمالٌ خاطئ» لمسارات الإشارة المستعملة من قبل الجسم في الظروف الطبيعية؛ ف «جينات الحركة» المفعّلة من قبل الخلايا السرطانية، على سبيل المثال، هي ذاتها الجينات التي تستعملها الخلية الطبيعية عندما تحتاج لأن تتحرّك عبر الجسم، كما يحدث عندما تحتاج الخلايا المسؤولة عن المناعة للتحرك باتجاه مواقع حدوث العدوى في الجسم؛ ونشوء الأوعية الورمي يستخدم المسارات نفسها التي تستخدم عندما يتم إنشاء أوعية دموية لتحقيق اندمال الجروح؛ لا شيء مخترع، لا شيء خارجي. إن حياة السرطان هي استعادةٌ لحياة الجسم، ووجوده صورة مرآة مَرَضيةً لذواتنا.»

تعقيبي: فقرة في غاية الأهمية تلخص ما تفعله المسارات الجينية للسرطان، ومع ذلك صياغتها اللغوية ركيكة.

«فخلايا السرطان هي من حيث جوهرها الجزيئي الأساسي نسخٌ من أنفسنا، لكنها نسخٌ مفرطة النشاط، موهوبة بميزة البقاء، وفوضوية، وخصبة، وخلّاقة.»

«ستة تبدلات رئيسية في فيزيولوجيا الخلية تتحكم بمجموعها بالنمو الخبيث ». 1 – الاكتفاء الذاتي في إشارات النمو : تكتسب الخلايا السرطانية دافعًا ذاتيًا لكي تتكاثر – انقسام مرضي – من خلال تفعيل جيناتٍ ورمية مثل ras أو myc. 2 – عدم الحساسية على الإشارات الكابحة النمو : تقوم الخلايا الورمية بتعطيل الجينات الكابحة للورم كجين الريتينوبلاستوما (Rb) التي تكبح النمو بشكلٍ طبيعي . 3 – التملص من الموت الخلوي المبرمج (الموت الطبيعي، apoptosis): تقوم الخلايا السرطانية بقمع وتعطيل الجينات والمسارات التي تمكن الخلية من الموت بشكلٍ طبيعي عندما يحين أوانها . 4 – قدرة غير محدودة على التكاثر : تفعل الخلايا السرطانية مسارات جينية معينة تجعلها غير قابلة للموت حتى بعد أجيالٍ من النمو . 5 – نشوء وعائي مستديم : تكتسب الخلايا السرطانية القدرة على إنشاء شبكة أوعية دموية خاصة بها تؤمن لها تغذية متواصلة بالدم والأوكسجين . 6 – غزو الأنسجة والانتقالات : تكتسب الخلايا السرطانية القدرة على الهجرة إلى الأعضاء الأخرى، وغزو الأنسجة الأخرى، وتستعمر تلك الأعضاء ما يؤدي إلى انتشارها في كامل الجسم.»

«طريقة تقنية سُميت «الـ DNA المهجّن، recombinant DNA»، استطاعوا بواسطتها «هندسة » الجينات بطريقة لا يمكن تخيلها حتى اللحظة . يمكن نقل الجينات من كائنٍ إلى آخر : يمكن نقل جين من البقرة إلى بكتريا، أو يمكن تركيب بروتين بشري في خلايا كلب؛ يمكن للجينات كذلك أن تُربط ببعضها البعض لتشكل جينات جديدة، وبروتينات لا وجود لها في الطبيعة…»

«الدواء بالمعنى المجرد للكلمة، هو أي مادة يمكن أن يكون لها تأثير ما على فيزيولوجيا حيوان ما؛…»

حواشي مترجم الكتاب:

«إن تعبير «هيئة سائلة » الذي استخدمه المؤلف لوصف شكل سرطان اللوكيميا غير دقيق وقد يؤدي إلى فهمٍ خاطئٍ لدى القارئ غير المختص، ذلك أن السرطان لا يأخذ شكلًا سائلًا أبدًا طالما أنه مؤلَف من خلايا تتكاثر والخلية لا تكون سائلة أبدًا؛ قد يكون من الأفضل القول إن اللوكيميا سرطان ينشأ وينمو في وسطٍ سائل هو الدم، وليس سرطان في هيئة سائلة»

«Laskerites: اسمٌ أُطلق على أتباع ماري لاسكر وزوجها ألبرت لاسكر اللذين قدما الكثير لقضية السرطان في أمريكا.»

« Yankee: تشير هذه الكلمة تاريخيًا إلى الجندي الأمريكي الذي قاتل تحت راية الفدرالية في الحرب الأهلية الأمريكية، وجغرافيًا إلى الأمريكي الذي يقطن في ولايات نيو إنغلاند أو إحدى الولايات الشمالية (التي كانت في صف الفدرالية في الحرب الأهلية ) ، لكنها تستعمل للإشارة إلى الأمريكي بطريقة تحط من قدره عندما تستعمل من قبل غير الأمريكيين»

«يشير تعبير «صلد solid» في عالم الأورام إلى القوام القاسي المتماسك المصمت للورم والذي يستخدم في مقابل تعبير «كيسي cystic» الذي يشير إلى الأورام التي تأخذ شكل كيس وحيد الجوف أو متعدد الأجواف، ومثالها النموذجي سرطان المبيض الكيسي.»

« تعتمد معظم التجارب الطبية مبدأ «مجموعة حالة مقابل مجموعة مراقبة، case – control study ، حيث يقسم الأشخاص موضوع التجربة إلى مجموعتين، الأولى يتم تطبيق الإجراء العلاجي المطلوب تقييمه عليها وتسمى مجموعة الحالة، والثانية تعطى معالجة وهمية (بلاسيبو ) أو تترك دون علاج وتسمى مجموعة المراقبة، ثم تقارن النتائج بين المجموعتين، فإذا كان هناك فرق إحصائي مهم بين المجموعتين يمكن الاستنتاج بأن الإجراء العلاجي المدروس فعال .»

«مسحة باب، Pap smear ، فحص يتم فيه أخذ مسحة خلوية من عنق الرحم وذلك للكشف المبكر عن سرطان عنق الرحم»

«الميزوثليوما سرطان ينشأ على حساب الغشاء الذي يغلف الرئة والمسمى «الجنب Pleura» وليس الرئة ذاتها.»

تعقيبي: Mesothelium معروف بورم المتوسطة الخبيث هو نوع من السرطان يصيب خلايا المتوسطة (Mesothelium) التي تكون غلاف الرئة.

« Centrifuge: جهاز توضع فيه أنابيب عينات الدم والسوائل على شكل دائرة، ليتم تدويرها حول مركز الدائرة بسرعة هائلة، حيث تؤدي هذه العملية إلى تجمع العناصر الخلوية بفعل قوى الطرد المركزي لتترسّب في قاع الأنبوب، وهذه الرواسب هي التي يتم فحصها وتحليلها كيميائيًا وخلويًا . تسمى هذه العملية في المختبرات بالتثفيل، ويسمى الجهاز الذي يقوم بها المثفلة.»

ثالثًا: تعليقات على الترجمة والصياغة

اجتهد المترجم -جزاه الله خيرًا، وهو طبيب في المقام الأول- في تيسير المعلومة الطبية ونقلها للقارئ العربي، ولكن افتقدت الصياغة والترجمة كثيرًا من فصاحة العربية ومنها الآتي.

✔️ أكثر المترجم من صياغة «قام بفعل، وتم فعل» والصوَاب «فَعَلَ، والمبني المجهول فُعِلَ».

✔️ استعمل المترجمُ كثيرًا تعبير خاصته أو الخاصة به كعبارة «حجرة التشريح خاصته.» وأقترحُ أن يقول «حجرته الخاصة بالتشريح أو حجرة التشريح أو حجرته التشريحية.»

✔️من أضعف التعبيرات التي استخدمها المترجم قرابة الاثنين وسبعين مرةً في الكتاب تعبير (سوف لن) ويكفي كلمة (لن) للتعبير عن النفي في المستقبل.

✔️الاستخدام الخاطئ لتعبير كلما… كلما… كجملة «كلما نظر المراقب عن قربٍ أكثر كلما اصطدم بالواقع المرير أكثر؛…»، والصواب «كلما نظر المراقب عن قربٍ أكثر ، اصطدم بالواقع المرير أكثر؛…»

✔️  جمع المترجمُ كلمة (مدير) على (مدراء) وهذا خطأ يقع فيه الكثيرون، والصواب أن تجمع جمعًا مذكرًا سالمًا “مديرون”.

✔️ «ولذلك كانوا موضوعاتٍ مثالية لإجراء التجارب…» وردت هذه الجملة وأمثالها كثيرًا، وأظنُّ أنها خطأ ترجمي فيبدو أن المترجم ترجم كلمة Subjects إلى موضوعات والصواب هنا المشاركون في التجربة السريرية أو الحالات المشاركة أو الخاضعين للدراسة السريرية، والله أعلم.

✔️ «الشفاء من أو السيطرة على السرطان» والأصوب أن يقول «الشفاء من السرطان أو السيطرة عليه» استنادًا لقاعدة المضاف والمضاف إليه بالمعطوف عند تعدد المعطوفات.

✔️ «… بأن دول، هيل، غراهام، ووايندر استطاعوا إثبات وجود علاقة بين التدخين وسرطان الرئة من دون جهدٍ يذكر…» استخدام الفاصلة مع المعطوفات وعدم استخدام واو العطف إلا مع المعطوف الأخير تأثر بالنص الإنجليزي، وليس من الأسلوب العربي والله أعلم

✔️ «… محامٍ شاب تخرّج للتو من كلية الحقوق،…» تكون تخرج للتو في كلية الحقوق.

✔️ قال المترجم: «شُخِّصَ لديها سرطان ثدي وعُولجت»

قلتُ: هذا تركيب ركيك، والأفضل: «شُخِّصَت حالتها أو شُخِّصَ مرضها بسرطان ثدي …»

✔️ قال المترجم: «لقد أنتج تلقيح بيضة واحدة بحيوانين منويين اثنين ثلاث مجموعات من الكروموزومات»

قلتُ: «إضافة كلمة (اثنين) بعد حيوانين منويين حشوٌ يعوق سلاسة القراءة والفهم، لا سيما إنها متبوعة بالعدد (ثلاث).»

✔️  قال المترجم: «لكنه كان الوسيلة الأكثر صدقيةً لإحداث سرطان حقيقي في كائن حي…»

قلتُ: «لا أدري لِمَ قال (الأكثر صدقية) ولم يقل (الأصدق)؟!»

✔️   قال المترجم: «عندما يغادر الفيروس أجسامنا يبقى الـ DNA خاصتنا كما هو»

قلتُ: «كلمة خاصتنا هنا ركيكة وتستقيم الجملة من دونها لأننا نتحدث عن أجسامنا لا أجسام أخرى.»

🤝أمتعتني هذه الرحلة مع كتاب إمبراطور المآسي، وأوجعتني لما أحسسته من مآسي أهل الابتلاء بهذا المرض -عافانا الله وإياكم -.

انشرِ المعرفةَ بأي وسيلة تعجبك.

تعليقك يهمنا